بعد عودة ميدو وزكي إلى مصر ومن قبلهما رحيل غالي وفشل صفقة متعب ثبت تماما إننا بلد "لا يعيش لها محترفين".
أقدر تماما فرحة أي زملكاوي سعيد بوجود عمرو زكي وأحمد حسام "ميدو" مع فريقه الموسم المقبل تماما مثلما يسعد أي أهلاوي برفض أبو تريكة لعروض الاحتراف التي تلقاها خلال وجوده مع الأهلي.
وأحترم تماما قراري ميدو وزكي باللعب للزمالك فمثلما أسمح لنفسي كمواطن مصري اختيار مكان عملي والمفاضلة بين مؤسسات مختلفة فليس من حقي انتقاد الآخرين.
لكن .. ومع الوضع في الاعتبار كل ما سبق عودة محترفينا للأسف من إنجلترا عكست غياب الثقافة الاحترافية عنهم وتعكس حالة من تدليل النجوم التي يعيشها اللاعبون المصريون في بلدهم مصر التي ليس لها نظير في بلد آخر .. ولا داعي لتكرار ما ذكره هاني رمزي أهم محترف مصري من قبل بجملته الشهيرة "ارجع مصر تعيش ملك" والتي تناولناها في مقال سابق.
والمشكلة التي يواجهها المحترفون المصريون حاليا ليست فنية على الإطلاق بل صارت تتعلق بالسمعة الاحترافية كأشخاص قادرين على الوفاء بالتزاماتهم .. فلا تقنعني مثلا أن مهاجمين من نوعية الحاج ضيوف أو نوانكو كانو (بمستواه الحالي) أو روداليجا أو حتى بوبي زامورا مستواهم أعلى من ميدو وعمرو زكي.
لقد لخصت شبكة "يوروسبورت" الرياضية الأمر عندما نشرت مؤخرا موضوعا تتهكم فيه على لاعبينا عندما عرضت على الأندية المصرية الحصول على اللاعبين المشاغبين الإنجليز كتعويض عن تصديرها للمصريين المشاغبين إلى إنجلترا.
وسواء اتفقنا مع الرأي القاسي للشبكة أو اختلفنا فالمؤكد أن لاعبينا عادوا لأنهم لم يتلقوا عروضا جيدة ولا أحد في إنجلترا أو معظم الدوريات الأوروبية الكبيرة لديه استعداد لاستضافة لاعبين يتغيبون عن التدريبات ويثيرون المشاكل.
ففي البداية سمح زكي لمدربه السابق ستيف بروس بشن حملة للتشهير به بسبب غيابه عن التدريبات وعدم انتظامه لدرجة أن الرجل بعد وصول العلاقة بينه والمهاجم المصري إلى طريق مسدود تعمد تشويه صورته للثأر منه والتقليل من قيمته المادية في حال تلقيه أي صفقة.
وتكرر الأمر مع جاريث ساوثجيت مدرب ميدلسبره الذي أعلن غضبه العلني من تغيب ميدو الذي دخل في خلاف مع الفريق بسبب مستحقاته المتأخرة.
هل هناك فرصة لأمثال حازم إمام أو محمد طلعت بالاحتراف في أوروبا؟
وكل تصريح لمدرب غاضب يهبط بقيمة اللاعب ويفقده بضعة ملايين لأن النادي الراغب في التعاقد معه يضع في حسبانه عنصر المخاطرة.
وكانت النتيجة أن زكي ومعه مستشاريه (اللي غرقوه من زمان) أعلن في أكثر من مناسبة وجود عروض عدة لضمه ولكن وقت الجد مفيش! .. وحتى العرض الوحيد الذي أكده نادي مالاجا ثامن الدوري الإسباني لزكي لم يتم لأسباب غير معروفة .. ولا أدري كم كان يتوقع اللاعب أو ناديه كمقابل للصفقة بعد تراجع نجوميته في إنجلترا؟!
وبالمناسبة .. علاقة محمد شوقي مع مدربه ساوثجيت ساءت للغاية بعدما صرح الأول بوجود اهتمام عدة أندية بضمه في وسط الموسم الماضي لغضبه من عدم المشاركة ورد عليه المدرب بما معناه "الباب يفوت جمل"، وفي النهاية العروض "مفيش".
وفي النهاية اتخذ شوقي القرار الأفضل بالبقاء مع فريقه واللعب في الدرجة الثانية الإنجليزية وهو قرار شجاع لإثبات نفسه ولقوة هذه المسابقة وامكانية ارتفاع مستواه باللعب منتظما فيها.
وقبل كل هذه الحالات لاتزال واقعة حسام غالي وإلقاءه قميص توتنام عالقة في الأذهان ليخرج بعدها من تشكيل منتخب مصر ثم انضم إلى النصر السعودي بعدما كان مستواه يؤهله للعب بصورة أساسية في أي من أندية الوسط في دوريات أوروبا الكبرى.
وحتى عماد متعب الذي لم يخض التجربة من الأصل .. فشلت تجربته بعد تصرف غير احترافي بالمشاركة مع الأهلي في مباراة لا تضيف له شيء.
والمصيبة الحقيقية أن المحترفين المصريين يعودون للعب إلى أندية مصر التي تدفع لهم أموالا طائلة رغم أن اللعبة نفسها تعتمد على تمويل رجال الأعمال أو دعم الدولة المباشر ولو رفعت الدولة والقطاع الخاص أيديهم عن اللعبة وتركوا الأمر للإعلانات والبث التلفزيوني "المشكوك فيه" لانكشفت ميزانيات الأندية وتراجعت رواتب اللاعبين إلى النصف والربع .. فهل ساعتها سيرتمي محترفونا في أحضان الأندية المصرية؟
في النهاية يتساءل أي مشجع مصري "هل هناك فرصة لأمثال حازم إمام أو محمد طلعت بالاحتراف في أوروبا؟" وهل هناك فرصة امام أي من لاعبي منتخبنا الوطني للشباب للانتقال إلى دوريات فرنسا او بلجيكا او هولندا؟
والسؤال الأهم "هو احنا ليه مش بيعيش لنا محترفين؟".
جميع المقالات المنشورة في هذا الموقع تعبر فقط عن رأي كاتبها .. ولا تعبر بالضرورة في كل الأحوال عن رأي الموقع